تشهد مناطق ريف ديرالزور الشرقي توتراً متصاعداً وتحركات ميدانية لافتة، وسط تقارير عن اندلاع مواجهات مباشرة بين أبناء العشائر العربية وميليشيات “قسد”، في مشهد يعيد إلى الأذهان شرارة الغضب الشعبي المتنامي تجاه انتهاكات طال أمدها.
يدرج هذه التطورات على خلفية سلسلة من الانتهاكات المتكررة التي تمارسها ميليشيات “قسد” بحق المدنيين، من اعتقالات تعسفية ومداهمات ليلية، إلى التضييق على السكان في سبل العيش والتنقل، فضلاً عن فرض ضرائب وإتاوات تحت مسميات مختلفة، الأمر الذي أذكى حالة من الاحتقان الشعبي في مناطق واسعة من شرق الفرات.
وبحسب ما أفاد مراسل “سرت الإخبارية”، اندلعت اشتباكات عنيفة فجر اليوم بين عناصر “قسد” المتمركزين على ضفة نهر الفرات في بلدة درنچ، وقوات تابعة لوزارة الدفاع على جسر العشارة بريف ديرالزور الشرقي، ما يشير إلى اتساع رقعة المواجهات وتحوّلها من عمليات متفرقة إلى صدام مباشر منظم.
وفي حادثة أخرى، أصيب عدد من عناصر “قسد” بجروح متفاوتة جراء هجوم بالأسلحة الرشاشة نفذه مجهولون على سيارة عسكرية تابعة لهم على طريق الحاري في بلدة أبو حمام، شرق ديرالزور. وتشير المعطيات إلى أن مثل هذه العمليات بدأت تأخذ طابعاً متسلسلاً ومنسقاً.
كما تعرض حاجز “الدبس” التابع لميليشيات قسد، الواقع بين بلدتي ذيبان والطيانة، لهجوم عنيف بقذيفة “RPG” والأسلحة الرشاشة، ما أدى إلى وقوع خسائر في صفوف العناصر وإرباك كبير في تحركاتهم.
وتزامناً مع هذه الهجمات، أكدت مصادر ميدانية وجود حالة انشقاق واسعة في صفوف عناصر قسد في الريف الشرقي من محافظة ديرالزور، في مؤشر على تآكل الثقة الداخلية داخل التشكيلات التابعة لها، وتنامي رفض الانخراط في تنفيذ أوامر تطال المدنيين وممتلكاتهم.
اللافت أيضاً أن الاستنفار بات عنوان المرحلة في مناطق مثل الشعيطات، حيث انتشرت حواجز إضافية، ونُفذت عمليات تفتيش دقيقة وسط أنباء عن تحضيرات تجري لمواجهة تطورات محتملة قد تفرضها تحركات العشائر.
وتشير المعلومات الميدانية إلى نشوء حراك عشائري واسع بدأ يتبلور إلى مقاومة منظمة في وجه “قسد”، يترافق مع دعم شعبي واسع من الأهالي الذين ضاقوا ذرعاً بانتهاكات الميليشيا، سواء من حيث سوء المعاملة أو السياسات القمعية أو تغييب أي تمثيل حقيقي لأبناء المنطقة في إدارة شؤونهم.
يُذكر أن العديد من الفصائل العشائرية كانت قد حذرت مراراً من مغبة تجاهل صوت أبناء المنطقة، إلا أن تعنت “قسد” واستمرارها في ممارسة الإقصاء والانتهاكات، يبدو أنه دفع العشائر إلى التحرك عملياً في الميدان، لفرض معادلة جديدة عبر القوة.
وبينما لا تزال المعطيات الميدانية تتغير بسرعة على الأرض، يبقى السؤال مفتوحاً: هل دخلت منطقة شرق الفرات مرحلة الصدام المفتوح بين العشائر العربية وميليشيات قسد؟ وماذا ستكون ردة الفعل الإقليمية والدولية إذا ما تحولت هذه المواجهة إلى انتفاضة شعبية عارمة.
إرسال تعليق