أقسام الوصول السريع ( مربع البحث )

وثيقة تكشف خطة نظام الأسد لإطلاق قناة خارج سوريا بعد اغتيال الحريري

كشفت وثيقة سرية صادرة عن إدارة المخابرات العامة السورية بتاريخ 24 يوليو/تموز 2005 عن خطة أعدها نظام بشار الأسد لإنشاء محطة تلفزيونية خارج سوريا، في محاولة لكسر العزلة الإقليمية والدولية التي واجهها النظام عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري.


الوثيقة، التي رفعت مباشرة إلى الأسد ونشرتها منصة “زمان الوصل”، استعرضت ثلاثة مواقع محتملة لمقر القناة، شملت دبي وقبرص وعددًا من المدن التركية جنوب البلاد. واستبعدت الدراسة دبي بسبب التكاليف المرتفعة والاعتبارات السياسية المتعلقة بالسعودية، بينما حذرت من قبرص بسبب النفوذ الاستثماري الإسرائيلي وإمكانية الاختراق الأمني.

بالمقابل، رجحت الوثيقة مدنًا تركية مثل غازي عنتاب وأضنة ومرسين، لكونها توفر تكاليف منخفضة وتقع بالقرب من الحدود السورية، مما يمنح المرونة في التنقل والبث.

وشددت الوثيقة على مدينة غازي عنتاب تحديدًا، باعتبارها الأقل تكلفة والأكثر قدرة على التواصل مع أوروبا ودول الخليج عبر مطارها الدولي. كما أوصت بالحفاظ على مكاتب إدارية ومالية داخل سوريا لضمان السيطرة الكاملة وتقليل النفقات، مع إمكانية الحصول على تراخيص لاحقة لبث بعض البرامج من الداخل السوري.

وأوضحت الوثيقة أن المشروع لم يكن مجرد استثمار إعلامي تقليدي، بل خطوة سياسية مدروسة، في ظل ضعف الإعلام الرسمي السوري عن مواجهة الاتهامات الدولية بدعم الإرهاب والتورط في اغتيال الحريري. وكان الهدف من القناة الجديدة تقديم صورة أكثر انفتاحًا واعتدالًا للنظام عبر منصة خارجية غير خاضعة للرقابة الداخلية، ما يسمح بالتأثير المباشر على الرأي العام العربي والدولي.

إذا نجحت هذه الخطوة، كانت القناة ستصبح أداة مؤثرة في صياغة الرسائل الإعلامية للنظام السوري على الساحة العربية والدولية، بما يسمح له بمحاولة تصحيح صورته أمام جمهور واسع من المتلقين، والتأثير على التوجهات السياسية والإعلامية للمنظمات الإقليمية والدولية.

وقد تتيح القناة إمكانية تقديم سرديات بديلة عن الأزمات السورية، وبث برامج تحليلية وترفيهية تمهد لتشكيل تصور جديد عن النظام، كما يمكن أن تعمل كجسر إعلامي يربط بين سوريا والجاليات العربية في الخارج، ويضع النظام في موقع أقوى للتفاوض والدفاع عن مصالحه.

وتعكس الوثيقة إدراك النظام المبكر أن معركة البقاء لم تعد مقتصرة على الجوانب السياسية والأمنية، بل امتدت لتصبح صراعًا إعلاميًا استراتيجيًا. فالاعتماد على منصة خارجية كان يمكن أن يمنحه قدرة أكبر على التأثير في الرأي العام العربي والدولي، واستخدام الإعلام كسلاح دبلوماسي يعزز صورته ويخفف من الانتقادات الدولية، خصوصًا بعد أحداث اغتيال الحريري والتوترات التي أعقبتها.

كما يمكن النظر إلى هذا المشروع ضمن سياق أوسع لتطور الإعلام في الشرق الأوسط، حيث أصبحت القنوات التلفزيونية الممولة من خارج الدول أداة استراتيجية لإعادة رسم الخرائط الإعلامية والسياسية، بما يمكنها من تجاوز القيود الداخلية واستهداف جمهور دولي أوسع.

وبالتالي، كان نجاح مثل هذا المشروع يمكن أن يمنح النظام السوري منصة مؤثرة للتأثير على السياسات الإعلامية والتوجهات الفكرية في المنطقة، وربما تغيير ديناميات التغطية الإعلامية الإقليمية بما يخدم مصالحه الاستراتيجية.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-