أقسام الوصول السريع ( مربع البحث )

حلب تطلق مشروع “دربك أخضر” لتحويل الإشارات المرورية إلى نظام ذكي يعتمد على الذكاء الاصطناعي

أطلقت محافظة حلب المرحلة الأولى من مشروع “دربك أخضر”، في خطوة تهدف إلى إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي في تنظيم المرور داخل المدينة، من خلال تحويل الإشارات الضوئية التقليدية إلى نظام ذكي متكامل يعتمد على الإدارة الإلكترونية والتحكم الرقمي، بما يعزز السلامة المرورية ويحدّ من الازدحام والحوادث.

وقال محمد عمر كبصو، منسق الأنشطة الخدمية في المحافظة، إن المشروع يُنفذ على مراحل متتابعة بدأت بتحويل العقد المرورية من النظام التقليدي المعروف باسم “ريليه” إلى نظام إدارة إلكتروني متطور قادر على ضبط الحركة وفق المعايير الحديثة. وأضاف أن هذه الخطوة تمثل الأساس في مسار التحول الرقمي الشامل الذي تعمل عليه المحافظة منذ العام الماضي لتطوير البنية الخدمية وتسهيل حياة المواطنين.

وأوضح كبصو في تصريح لموقع “سوريا 24” أن النظام الإلكتروني الجديد يتيح التحكم بأزمنة الفتح والإغلاق تبعًا للكثافة المرورية اليومية، مشيرًا إلى أنه يتمتع بمرونة عالية ومعدل أعطال منخفض، كما يمكن ربطه مستقبلًا بأنظمة الذكاء الاصطناعي ونماذج المرور الذكي التي تعتمد على تحليل البيانات الفعلية لتدفق السيارات والمشاة.

ويأتي إطلاق المشروع في وقت تسجل فيه البلاد ارتفاعًا مقلقًا في معدلات حوادث السير، إذ وثقت مؤسسة “الخوذ البيضاء” أكثر من 600 حادث منذ مطلع العام وحتى نهاية شهر آذار 2025، محذّرة من استمرار تزايد الضحايا نتيجة تردي البنية التحتية وغياب الأنظمة المرورية الحديثة في عدد من المدن والبلدات.

وفي السياق ذاته، أوضح المهندس حسام عبيد، القائد الميداني لهندسة المرور في حلب، أن فرق العمل تمكنت حتى الآن من تأهيل أكثر من 59 محورًا مروريًا داخل المدينة، تشمل تقاطعات حيوية في المناطق الشرقية والغربية، مع استمرار الجهود لتغطية جميع النقاط التي تشهد ازدحامًا متكررًا. وأكد عبيد أن المشروع سيُستكمل في الأرياف والمناطق المتصلة بالمدينة بعد الانتهاء من المرحلة الأولى، مشيرًا إلى أن الإشارات الذكية القادمة ستكون قادرة على التفاعل مع الحالات الطارئة وفتح الطرق تلقائيًا لسيارات الإسعاف والطوارئ والمواكب الرسمية.

وأضاف عبيد أن المشروع لا يقتصر على الجانب التقني فحسب، بل يهدف إلى إنقاذ الأرواح وتحقيق انسيابية مرورية أفضل، عبر نظام استجابة فورية يعتمد على معالجات رقمية تتابع الحالة الميدانية لحركة السير بشكل مباشر، مما يختصر زمن الانتظار ويقلل من الحوادث الناتجة عن الفوضى في التقاطعات.

من جهته، أكد المهندس أسامة سعيد، ممثل شركة المدينة الذكية (SMC) المنفذة للمشروع، أن “دربك أخضر” يشكل نقلة نوعية في مفهوم إدارة المرور محليًا، موضحًا أن العمل يشمل استبدال البلدارات والخلايا القديمة بمعالجات ذكية قابلة للبرمجة والتوسّع، إضافة إلى تركيب خلايا ضوئية وجسور معدنية وخلايا ليزرية مرتبطة بشبكة مركزية تعمل بالذكاء الاصطناعي.

وقال سعيد إن المنظومة المركزية قادرة على معالجة البيانات المرورية بشكل لحظي، ما يسمح بتعديل إشارات المرور أوتوماتيكيًا بناءً على كثافة المركبات، مؤكدًا أن المشروع يُنفذ وفق المعايير العالمية لأنظمة المدن الذكية، وأن الشركة بدأت بتنفيذ مشروع مشابه في مدينة الباب، في إطار خطة لتعميم التجربة على نطاق أوسع.

ويُعد مشروع “دربك أخضر” خطوة محورية في عملية التحول الرقمي التي تشهدها محافظة حلب، بعد سنوات من تضرر البنى التحتية نتيجة الحرب والإهمال، حيث تسعى السلطات المحلية إلى إدخال منظومات حديثة تواكب التطور العالمي في إدارة المدن الذكية. ويرى مراقبون أن المشروع يشكل نموذجًا عمليًا للتعاون بين القطاعين العام والخاص، بما يسهم في بناء بيئة خدمية أكثر أمانًا واستدامة.

وتؤكد محافظة حلب أن “دربك أخضر” ليس مجرد مشروع تقني، بل رؤية مستقبلية متكاملة تهدف إلى إعادة بناء المدينة على أسس حضرية حديثة، تراعي الجانب الإنساني والأمني والبيئي في آن واحد، لتكون حلب من أوائل المدن السورية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في إدارة الحركة المرورية، تمهيدًا لمرحلة جديدة من التحول الرقمي الشامل.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-