عقدت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب السوري، بالتعاون مع محافظة طرطوس، اليوم جلسة تعريفية ونقاشاً تشاورياً في المركز الثقافي بمدينة طرطوس، حول استحقاق انتخابات مجلس الشعب القادمة. شهدت الجلسة حضوراً واسعاً من فعاليات سياسية، وفكرية، ومجتمعية، وأكاديميين، ونقابات واتحادات، ورجال دين، يمثلون مختلف مناطق المحافظة، في إطار حوار بناء وشامل حول العملية الانتخابية وآليات تمثيل المجتمع.
افتتح الجلسة محافظ طرطوس أحمد الشامي، الذي أكد على أهمية هذه الخطوة الوطنية، مشيراً إلى أن ما يحدث اليوم يختلف جذرياً عن “المسرحيات الهزلية” التي كانت تجري في الماضي، حيث كانت الانتخابات مجرد واجهة صورية تُدار خلفها الأمور في “مطابخ حزب البعث” وفروع الأمن، بعيداً عن إرادة الشعب الحقيقية. وأوضح الشامي أن الشعب السوري اليوم يطالب بتمثيل حقيقي يعبر عن تطلعاته بطريقة تتناسب مع الظرف الراهن، مع توقع تطور هذا التمثيل بما يتوافق مع تقدم الأمور في كافة أرجاء البلاد، في محاولة لبناء مؤسسات تعكس واقع المواطنين بصدق وشفافية.
من جانبه، أكد حسن الدغيم، مسؤول التواصل في اللجنة العليا للانتخابات، أن الشعب السوري بعد عقود من المعاناة والظلم والتهميش، يُجدد اليوم إرادته في التعبير عن نفسه والمشاركة في رسم مستقبل وطنه. وقال إن الدماء الطاهرة التي رُويت بها أرض الوطن هي التي توحد السوريين اليوم على مبادئ الوحدة الوطنية الحقيقية، التي يجب أن تنعكس في مجلس الشعب القادم، ليصبح فعلاً منصة تشريعية تعبر عن مصالح المواطنين السياسية والاقتصادية، وتحترم أفكارهم وطموحاتهم، مع نقل صوتهم بكل أمانة ووضوح إلى القيادة العليا للدولة.
وفي تصريح لمراسلة سانا، أوضح رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب الدكتور محمد الأحمد أن زيارة محافظة طرطوس تأتي في سياق جولات اللجنة التفقدية في المحافظات السورية، حيث تهدف هذه الجولة إلى اطلاع المواطنين ومسؤولي المحافظة ورموز المجتمع على مسودة آلية العمل للانتخابات، والاستماع إلى ملاحظاتهم ومقترحاتهم بهدف إثراء هذه الآلية وتحسينها بما يخدم مصلحة العملية الديمقراطية. وأكد الدكتور الأحمد أن الجلسة شهدت مناقشات غنية ومثمرة أضافت أبعاداً مهمة للآلية التي تُبنى للوصول إلى مجلس شعب يعكس تطلعات السوريين.
بدوره، أشار الدكتور نوار نجمة، المتحدث الإعلامي للجنة العليا للانتخابات، إلى أن التواصل المباشر مع مختلف الفعاليات المجتمعية يشكل فرصة حقيقية للاطلاع على رؤى المجتمع وأفكاره وتوصياته، إضافة إلى التعرف على وجهات نظرهم وملاحظاتهم التي سيتم أخذها بعين الاعتبار في صياغة الإجراءات والآليات النهائية للانتخابات. ولفت إلى أن هذه اللقاءات تسهم في تعزيز ثقة المواطن السوري بالعملية الانتخابية، وتدفعه للمشاركة الفعالة والمستمرة.
شهدت الجلسة العديد من المداخلات التي تناولت قضايا جوهرية، من بينها اقتراح تغيير اسم “مجلس الشعب” إلى “البرلمان” أو “مجلس نواب الشعب”، رغبة في تحديث المفاهيم وتطوير المسمى بما يتماشى مع المعايير البرلمانية العالمية. كما طالب عدد من الحضور بتخصيص مقعد ثابت لأهالي جزيرة أرواد، وناقشوا آليات تمثيل المهجرين داخل البلاد وخارجها، خصوصاً أولئك الذين لا يمتلكون سجلات مدنية واضحة، مع التأكيد على أهمية تنظيم كيفية تسجيلهم وضمان مشاركتهم في الانتخابات.
وتطرقت المداخلات أيضاً إلى ضرورة الفصل بين العضوية في الهيئة الناخبة والترشح للانتخابات، لضمان نزاهة العملية وتلافي تضارب المصالح، بالإضافة إلى المطالبة بتمثيل الفئات المهنية الخاصة مثل البحارة والقباطنة، وتمثيل خاص للمعتقلين الذين مروا بتجارب الاعتقال في سنوات الأزمة، ومقعد تشريفي لعائلات الشهداء تكريماً لتضحياتهم الوطنية.
كما دعا المشاركون إلى رفع الحد الأدنى لنسبة التمثيل النسائي في مجلس الشعب إلى 30%، مما يعكس رغبة مجتمعية متزايدة في تعزيز دور المرأة السياسية داخل البرلمان، بالإضافة إلى تنظيم جلسات حوارية دورية تجمع بين ممثلي المحافظة المنتخبين والفعاليات والنخب المحلية، لتمكين المشاركة المجتمعية المستمرة في متابعة أداء النواب وتقديم المقترحات.
وتأتي هذه المبادرة في سياق استعدادات سوريا لإجراء انتخابات مجلس الشعب، التي تعد محطة مهمة في مسيرة إعادة بناء مؤسسات الدولة، وتعزيز المشاركة السياسية في ظل الظروف الراهنة، في خطوة تهدف إلى تعزيز الشفافية وتمكين المواطنين من ممارسة حقوقهم الديمقراطية والمساهمة في صياغة مستقبل وطنهم.