لجنة التحقيق تكشف تفاصيل أحداث الساحل 1426 قتيلاً ومئات المتهمين ومحاولات لسلخ المنطقة عن الدولة

أعلنت لجنة التحقيق المكلّفة بتقصّي أحداث الساحل السوري أنها أنهت أعمالها رسمياً، وقدمت تقريرها النهائي إلى السلطات المختصة، متضمناً نتائج تحقيق موسعة غطّت محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة. وذكرت اللجنة، في بيان مطوّل نقله تلفزيون سوريا، أن تأخر إعلان النتائج كان نتيجة انشغال الرأي العام بالأحداث المتسارعة في الجنوب السوري، ما استدعى تأجيل الكشف عن التفاصيل حتى اكتمال الظروف السياسية والأمنية المناسبة.

اللجنة أوضحت أنها اعتمدت على الرصد الميداني والتقصّي والتحقيق في الاعتداءات التي طالت عشرات القرى والبلدات الساحلية، حيث أجرت زيارات ميدانية إلى 33 موقعاً مختلفاً واطلعت بشكل مباشر على المقابر الجماعية التي وُثّقت ضمن الفترة الزمنية التي شملها التحقيق. وقد استمعت اللجنة إلى شهادات 938 شخصاً من الأهالي، بمن فيهم شهود عيان وناجون من الهجمات، بالإضافة إلى 23 إفادة رسمية من مسؤولين في جهات حكومية ذات صلة.

وكشف التقرير أن اللجنة وثّقت 1426 حالة وفاة، من بينهم 90 امرأة، إلى جانب رصد مقتل 238 عنصراً من الجيش والأمن، بعضهم وقع في الأسر قبل تصفيته. ولفتت اللجنة إلى وجود محاولات ممنهجة من قبل “فلول النظام البائد” – على حد وصف التقرير – لسلخ المنطقة الساحلية عن الدولة السورية، وتأسيس كيان متمرد في الظل، من خلال تعبئة بعض الفصائل المحلية ودفعها إلى الانخراط في أعمال عنف وفوضى.

وأكدت اللجنة أنها حصلت على معلومات عن نحو 300 مشتبه به، بينهم 265 اسماً محدداً يُعتقد أنهم متورطون مباشرةً في عمليات التحريض أو ارتكاب انتهاكات جسيمة، مثل السلب، والنهب، والحرق العمد، واستهداف مؤسسات عامة وخاصة. وتضمن التقرير توصية رسمية بإحالة لائحة الأسماء إلى القضاء المختص، حيث تم تسليمها لرئاسة الجمهورية، مع ترك قرار إعلانها بيد السلطات القضائية.

وشددت اللجنة على أن الانتهاكات التي تم توثيقها، رغم خطورتها، لم تكن منظمة بالكامل، بل حمل بعضها طابعاً عشوائياً أو انتقامياً. وأفاد بعض الشهود بتعرضهم لعبارات عنصرية وطائفية أثناء الاعتداءات، ما دفع اللجنة إلى التنبيه لخطورة التحريض الإعلامي الموجّه الذي استهدف تعميق الشروخ المجتمعية في المنطقة.

وتحدث التقرير عن رصد أكثر من 480 حالة حرق لمنازل ومتاجر، مشيراً إلى أن بعض المهاجمين انتحلوا صفات عناصر أمنية أو عسكرية بغرض تنفيذ أعمال سلب وسرقة في القرى النائية. كما وثّق حالات انتحال صفة القوات الحكومية من قبل مجموعات محلية مارست الابتزاز والاستيلاء على الممتلكات، وهو ما اعتبرته اللجنة تهديداً خطيراً لوحدة المؤسسة الأمنية.

وأشارت اللجنة إلى أنها لم تتلق أي بلاغ رسمي عن حالات اختطاف في الساحل خلال الفترة التي غطتها التحقيقات، لكنها حصلت على معلومات موثوقة حول 20 شخصاً مفقودين، بعضهم من المدنيين، وآخرون من أفراد الأجهزة الحكومية، يُعتقد أنهم اختفوا خلال موجة الفوضى التي اجتاحت بعض المناطق الساحلية في أوائل العام الجاري.

وفي ختام التقرير، أوصت اللجنة بضرورة ملاحقة الفارين من العدالة، والبدء بخطوات جدية نحو العدالة الانتقالية في المناطق التي شهدت الانتهاكات، وأكدت على أهمية اتخاذ تدابير وقائية لمنع تكرار التحريض الطائفي أو العنصري، سواء عبر المنصات الإعلامية أو شبكات التواصل. وأكدت اللجنة أن عملها قد انتهى رسمياً، وأن الكرة باتت الآن في ملعب القضاء السوري لإعلان الحقائق الكاملة وتحقيق العدالة للمجتمع السوري.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-