أكد وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني اثناء زيارته إلى روسيا أن العلاقات السورية الروسية تدخل مرحلة مفصلية من التعاون الاستراتيجي، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة ستقوم على الشراكة المتوازنة واحترام السيادة الوطنية بين البلدين سوريا وروسيا، وأضاف مكافحة التدخلات الخارجية غير مسموح به ولن يسمح به.
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في العاصمة موسكو. وأوضح الشيباني أن زيارته تأتي في توقيت حساس للغاية، مشدداً على أن سوريا تسعى إلى بناء علاقة حديثة مع روسيا ترتكز على تجارب الماضي وتُرسي أسس المستقبل، مع الانفتاح على العالم بما يخدم مصالح وتطلعات الشعب السوري.
وأشار الوزير الشيباني إلى أن دمشق تطمح إلى دعم روسي صادق في مسار العدالة الانتقالية، باعتبارها خطوة ضرورية نحو تأسيس دولة القانون والعدالة والمصالح الوطنية، مشيراً إلى أن حجم الجراح التي خلفتها الحرب يتطلب مسؤولية سياسية وإنسانية لمعالجة آثارها. وأكد أن روسيا أعادت اليوم تأكيد التزامها بالسيادة السورية الكاملة، وهو ما يشكل حجر الأساس في أي تعاون مستقبلي. كما أشار إلى أن التصعيد الإسرائيلي المتواصل يمثل تهديداً مباشراً للاستقرار وأمن سوريا ويُعطّل جهود الإعمار، داعياً إلى موقف دولي واضح يرفض هذه الانتهاكات بجميع أشكاله.
وأكد الشيباني أن دمشق لا تنتمي لأي محور دولي، بل تتحرك نحو شراكات قائمة على السيادة والمصالح الوطنية، ورأى في روسيا شريكاً مؤهلاً للمساهمة في مرحلة التعافي وإعادة البناء، بعيداً عن الاستقطاب أو الاصطفاف. وأوضح أن العلاقات بين البلدين لا تُبنى فقط على الإرث التاريخي، بل على الرؤية المشتركة لمستقبل أكثر توازناً وعدالة في المنطقة.
وتحدث الوزير عن مسؤولية الدولة في حماية جميع أبنائها، مشيراً إلى أن الأحداث الأخيرة في السويداء استُغلّت خارجياً، خصوصاً من قبل إسرائيل التي قصفت مواقع الجيش العربي السوري هناك، ما أدى إلى انسحاب قوات وزارة الدفاع وحدوث اشتباكات. وشدد على ضرورة أن تعود الدولة للعب دورها الكامل في حماية المدنيين وحصر السلاح بيد الدولة والجهات الرسمية، ورفض أي محاولات خارجية للتدخل أو اللعب على وتر الطائفية. وأكد أن الدولة لا تعترف بمفاهيم الأغلبية والأقلية، وأن وحدة المجتمع السوري هي جوهر الأمن والاستقرار.
وأعلن الوزير أن دمشق ملتزمة بالحوار الداخلي منذ الثامن من ديسمبر الماضي، وتسعى لتوسيع قاعدة التمثيل السياسي في الحكومة والبرلمان، مع ضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين. كما شدد على أن الدولة أعطت تعليمات صارمة بعدم التعرض لأي مدني، وستحاسب كل من تورط بانتهاكات في السويداء، مؤكداً أن الطريق إلى المصالحة يتطلب الاستقرار ودعماً دولياً حقيقياً بعيداً عن الحسابات الضيقة.
من جهته، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف استمرار بلاده في دعم وحدة الأراضي السورية، معلناً استعداد موسكو لتقديم مساعدات فنية واقتصادية للمساهمة في التعافي. وأوضح أن روسيا ترفض تحويل سوريا إلى ساحة للصراعات الجيوسياسية، وتدعو إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد من جميع الأطراف. ولفت إلى أهمية استمرار الحوار مع سوريا على كل المستويات، وأشاد بالعلاقات العميقة بين البلدين، مشيراً إلى آلاف السوريين الذين تلقوا تعليمهم في روسيا والاتحاد السوفييتي.
وشدد لافروف على أن الحوار السوري، الروسي ليس رهينة للمتغيرات الدولية، بل ينبع من تقاليد تاريخية وتفاهمات طويلة المدى. كما أشار إلى استمرار تنسيق العمل بين وزارتي الخارجية في البلدين، ودعم موسكو للجهود السورية في إعادة الإعمار وتنظيم الانتخابات، مشيداً بالخطوات التي اتخذتها دمشق في هذا الإطار.
وأكد لافروف دعم موسكو لمبادرة الصليب الأحمر بشأن الأوضاع في السويداء، وشكر الحكومة السورية على حماية المنشآت والبعثة الدبلوماسية الروسية، مجدداً التزام بلاده بالوقوف إلى جانب سوريا في مواجهة التحديات الراهنة، والدفع نحو تسوية سياسية شاملة تحترم السيادة السورية وتراعي تطلعات الشعب.
ويُذكر أن روسيا ارتكبت جرائم كثيرة بحق الشعب السوري، وذلك من خلال قصف المدن والبلدات على رؤوس ساكنيها، وتهجير مئات الآلاف من أهلها قسرًا. لقد تسببت الغارات الروسية، التي كانت بالتنسيق الكامل مع قوات نظام الأسد المخلوع، بمقتل أكثر من مليون شهيد سوري من أبناء الطائفة السنية، في حملة إبادة شاملة استخدم فيها كل أنواع الأسلحة الثقيلة والمحرمة دوليًا.
ولا تزال آثار الاحتلال الروسي واضحة في سوريا، إذ ما تزال آلاف البيوت مدمّرة، والركام يملأ الشوارع، والأشلاء تحت الأنقاض لم تُنتشل حتى اليوم. هذا إلى جانب أكثر من 200 ألف سوري مغيّب قسريًا في سجون النظام البائد، بعضهم منذ أكثر من عقد، دون أن يُعرف مصيرهم أو أماكن احتجازهم.
كل ذلك يحدث تحت غطاء الدعم الروسي المفتوح لنظام قمعي استباح الدماء وهدم الدولة وسحق الكرامة، بينما وقف العالم متفرجًا، عاجزًا عن وقف المجازر أو محاسبة الجناة لذلك يجب على الشعب السوري لا ينسى تلك الجرائم.