شركات أجنبية تتسابق للاستثمار بسوق التجميل في سوريا

شهد معرض الصناعات التجميلية في دمشق، المقام ضمن فعاليات “عالم الجمال سوريا”، حضورًا لافتًا لشركات أجنبية من دول مختلفة، أبدت اهتمامًا واضحًا بالسوق السورية، وعبّرت عن استعدادها للدخول في شراكات استراتيجية مع القطاع المحلي، في مشهد يعكس تغيرًا تدريجيًا في نظرة المستثمرين الأجانب تجاه بيئة الأعمال في سوريا، رغم التحديات القائمة.

دمشق - سرت الإخبارية

المعرض الذي أُقيم في مدينة المعارض بالعاصمة دمشق، ضم 143 شركة محلية وعربية وأجنبية، وتركّزت مجالات المشاركة في مستحضرات التجميل والعناية الشخصية، وتصنيع العبوات والآلات وخطوط التعبئة والتغليف، حيث شكّل مناسبة مهمة لاستعراض قدرات الشركات، وتبادل الخبرات، وفتح قنوات تعاون تجاري جديدة، وسط مؤشرات على تعافي بطيء ولكنه واضح في القطاعات الإنتاجية.

العديد من الشركات الأوروبية والآسيوية والعربية عبّرت عن نيتها توسيع حضورها في سوريا. من ألمانيا، شاركت شركة “بيل” المتخصصة في الزيوت العطرية، حيث أوضح ممثلها أن هدفهم من الحضور هو اختبار السوق المحلي والتواصل مع الشركات السورية، تمهيدًا لدخول مباشر عبر وكلاء أو نقاط توزيع معتمدة. وأشار إلى أن السوق السورية واعدة في قطاع مستحضرات التجميل بسبب التركيبة الديموغرافية واتساع الطبقة المستهدفة.

من جهة أخرى، أكد مدير شركة “كوزماتيكس” الأردنية أن المعرض يعكس خطوات عملية على طريق استعادة النشاط الاقتصادي، وأن وجودهم في دمشق يهدف إلى دراسة السوق تمهيدًا لافتتاح فروع في عدة محافظات، مع التركيز على تقديم منتجات منافسة سعرًا وجودة. وأشاد بمستوى التنظيم والتفاعل من الجمهور، معتبرًا أن هذا النوع من الفعاليات يعزز الثقة ويشجع على اتخاذ قرارات استثمارية أسرع.

أما الشركة التركية “جاسمين”، فقد أعلنت عن بدء أعمال تجهيز مصنع جديد في مدينة عدرا الصناعية، مخصص لإنتاج مستحضرات العناية بالبشرة والتجميل. وقال مديرها إن قرارهم جاء نتيجة دراسات سوقية أظهرت وجود فجوة في العرض المحلي، ورغبة قوية لدى المستهلك السوري بالحصول على منتجات عالية الجودة. وأضاف أن المصنع سيساهم أيضًا في توفير فرص عمل محلية، ما يعكس البُعد التنموي للمشروع.

المشاركة اللافتة أيضًا جاءت من البرازيل، حيث أكد ممثل شركة “يونت ريدينغ” أن هدفهم هو إعادة ربط السوق السورية بالمستثمرين المغتربين، خاصة أن بيئة العمل باتت أكثر مرونة من السابق. ولفت إلى أن البضائع البرازيلية، لا سيما تلك ذات الأساس النباتي، تحظى بقبول عالٍ لدى المستهلك السوري، ما يجعل فرص التوسع التجاري ممكنة وقابلة للتنفيذ قريبًا.

الهند بدورها حضرت عبر شركة “أي جون غروب”، التي اعتبرت مشاركتها في هذا الحدث بوابة لدخول السوق السورية للمرة الأولى، مشيرة إلى أنها فوجئت بالإقبال والتفاعل، وتعتزم المشاركة في النسخ المقبلة. وقال ممثلوها إن الشركة تملك خطوط إنتاج حديثة في الهند وتبحث عن وكلاء محليين لتسويق منتجاتها.

وبحسب القائمين على المعرض، فقد تم خلال أيام الفعالية توقيع مذكرات تفاهم بين شركات محلية وأجنبية، كما جرى التفاوض على عقود توزيع حصرية وتعاون صناعي، ما يشير إلى نتائج مباشرة بدأت بالظهور على الأرض، وهو ما يعطي هذا المعرض قيمة عملية تتجاوز مجرد العرض والتسويق.

المشاركون أكدوا بكل صراحة أن الظروف الإدارية والقانونية شهدت تطورات إيجابية  بشكل كبيرخلال الأشهر الأخيرة الماضية، لا سيما مما يتعلق بترخيص المنتجات وتسجيل الشركات وإجراءات الاستيراد وباقي التسهيلات. هذه المؤشرات، رغم أنها لا تعني اختفاء التحديات، إلا أنها تكفي لخلق مناخ أولي قابل للاستثمار في قطاعات صناعية غير حساسة في سوريا.

المعرض اختُتم اليوم وسط إشادة من المشاركين المحليين والدوليين، الذين اعتبروا أن تنظيم مثل هذه الفعاليات التخصصية يعطي إشارات قوية على بداية التعافي الاقتصادي، ويمثل أرضية مناسبة للانطلاق نحو سوق أكثر استقرارًا ومرونة في المستقبل.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-