سوريا ودولة قطر الشقيقة تبحثان سبل التعاون في مجالات الإدارة المحلية والبيئة

في خطوة تعكس تنامي مؤشرات الانفتاح الإقليمي، شهدت العاصمة دمشق لقاءً رسميًا جمع وزير الإدارة المحلية والبيئة السوري المهندس محمد عنجراني مع سفير دولة قطر لدى الجمهورية العربية السورية، خليفة عبد الله آل محمود الشريف، لبحث آفاق التعاون في مجالات الإدارة المحلية والبيئة.

اللقاء، الذي جرى في مبنى الوزارة، حمل في طياته إشارات واضحة إلى رغبة الطرفين في تفعيل قنوات العمل المشترك، خاصة في القطاعات ذات الصلة المباشرة بالمواطنين. الوزير عنجراني أكد خلال حديثه على أهمية “مد جسور التواصل” مع الدوحة، مشيرًا إلى أن الحكومة السورية منفتحة على تعزيز منظومة العمل البلدي من خلال شراكات تكنولوجية وفنية، تشمل إطلاق منصات رقمية وتطوير برامج تدريبية للطواقم العاملة في البلديات.

وأضاف الوزير أن الإدارة المحلية، بوصفها على تماس مباشر مع المواطن، تتطلب تقييمًا دقيقًا للخبرات الوطنية المتوفرة، إلى جانب صياغة مشاريع عملية ولجان فنية متخصصة تمهيدًا للانتقال من الإطار النظري إلى التنفيذ الفعلي. كما شدد على ضرورة تحديث أدوات العمل في هذا القطاع الحيوي بما يواكب المتغيرات الحديثة ويستجيب للحاجات المتزايدة.

من جانبه، أبدى السفير القطري استعداد بلاده لدعم هذا التوجه من خلال تقديم المشورة الفنية والتنسيق المشترك، بالإضافة إلى تنظيم زيارات ميدانية بين الجانبين للاطلاع على التجارب والخطط القائمة، بما يحقق مصلحة الطرفين ويعزز التعاون على أساس الخبرة والدراية.

ويأتي هذا اللقاء في وقت تستعيد فيه سوريا تدريجيًا علاقاتها الدبلوماسية والوظيفية مع عدد من الدول العربية، حيث يركز الخطاب الرسمي على أولوية إعادة بناء القطاعات المحلية الحيوية، واستقطاب الدعم الفني واللوجستي لتحسين الخدمات العامة على المستوى الإداري والبيئي.

في السياق ذاته، يُنظر إلى هذا النوع من التعاون باعتباره مدخلًا عمليًا نحو تطبيع العلاقات عبر مسارات بعيدة عن السياسة المباشرة، لكنها بالغة التأثير في حياة المواطنين، خاصة في ظل التحديات المتراكمة التي تواجهها السلطات المحلية بعد سنوات طويلة من الحرب وتعطّل الخدمات.

وكما لا يمكن إغفال الدور الذي لعبته دولة قطر في دعم الشعب السوري منذ انطلاق الثورة في عام 2011، فقد كانت من أوائل الدول التي تبنّت مطالب السوريين في الحرية والعدالة، وقدّمت دعمًا سياسيًا وإنسانيًا واسعًا في أصعب مراحل الصراع.

لم تتوقف المساعدات القطرية عند الجانب الإغاثي، بل شملت أيضًا قطاعات التعليم والصحة والإيواء، من خلال مشاريع نفذتها مؤسسات خيرية قطرية بالتنسيق مع منظمات سورية مستقلة. وحتى بعد تعقّد المشهد السياسي، ظلّت قطر داعمة لمسار التغيير وناهضة لفكرة بناء سوريا الجديدة، وعندما بدأت ملامح الاستقرار بالعودة، كانت الدوحة من العواصم السباقة في التفكير بإعادة إعمار البلاد ودعم مؤسساتها الوطنية بعيدًا عن أي استثمار سياسي. هذا الحضور المستمر يعكس التزامًا أخلاقيًا وإنسانيًا طويل الأمد تجاه الشعب السوري، ويمنح أي تعاون رسمي مستقبلي بين الجانبين بعدًا أكثر عمقًا وواقعية.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-