أيام قليلة وتصدر البطاقة الهوية الجديدة، في خطوة طال انتظارها من قبل ملايين السوريين، خصوصًا المقيمين في تركيا، الذين حُرم كثير منهم طوال سنوات من امتلاك وثيقة رسمية تثبت هويتهم وتؤمّن حقوقهم المدنية ويفتخروا بهويتهم السورية الجديدة.
ومع ارتفاع أعداد السوريين الذين لا يحملون بطاقات هوية حديثة، تبدو الحاجة إلى هذه الخطوة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، وسط تساؤلات مشروعة: هل سيتمكن السوريون في تركيا من الحصول على هذه الهوية الجديدة؟ وأين وكيف؟
تشير السيناريوهات المتداولة إلى أن المشروع الجديد، الذي يُنتظر الإعلان الرسمي عنه قريبًا، قد يشمل فتح مراكز ميدانية مؤقتة لإصدار الهوية في الولايات التركية التي تضم كثافة سكانية سورية مرتفعة، وفي مقدمتها إسطنبول التي تحتضن أكثر من نصف مليون سوري، ما يجعل فكرة الاكتفاء بالقنصلية السورية أمراً مستحيلاً من الناحية اللوجستية والتنظيمية.
في هذا السياق، يُرجّح أن يتم افتتاح ثلاث نقاط رئيسية مؤقتة على الأقل في إسطنبول، تكون مخصصة حصريًا لإصدار البطاقات الجديدة، مع توزيع مماثل في ولايات كـ#غازي_عنتاب وأورفا وبورصة، وغيرها من المدن التي يتواجد فيها السوريون بأعداد كبيرة.
وتعتبر هذه الخطة الواقعية إدراك الجهات المعنية لصعوبة الطلب من السوريين العودة إلى الداخل السوري فقط من أجل الحصول على بطاقة هوية جديدة، خاصة وأن كثيراً منهم، لا سيما مواليد التسعينيات وما بعدها، لم يحصلوا أساساً على أي بطاقة هوية طوال حياتهم، إما بسبب ظروف الحرب أو التهجير أو فقدان الوثائق الرسمية. كما أن قرابة 3.5 مليون سوري يعيشون حالياً داخل الأراضي التركية، ومن غير المنطقي أو العادل ترك مسألة الهوية معلقة بعودتهم المحتملة إلى سوريا، التي قد لا تكون وشيكة بالنسبة لكثير منهم.
بحسب المعطيات المتوفرة، فإن إطلاق الهوية الجديدة يأتي في إطار تحديث السجلات المدنية، واستكمال قاعدة بيانات دقيقة وشاملة، تتيح للمواطنين السوريين الحصول على خدمات الدولة في حال عودتهم، أو حتى تسهيل معاملاتهم الرسمية من الخارج. ويرى مراقبون أن هذه الخطوة، التي طال انتظارها، قد تُعدّ بارقة أمل جديدة للسوريين، وتمهّد لإعادة ترتيب أوراقهم القانونية، بعد سنوات طويلة من التهجير والضياع الورقي.
ويأمل السوريون في أن لا تقتصر عملية توزيع الهوية على مناطق معينة أو عبر إجراءات بيروقراطية معقدة، بل أن تكون سهلة وميسرة للجميع، وأن تُنفّذ بطريقة عادلة وفعالة، تضمن حق كل سوري في امتلاك بطاقة هوية رسمية، مهما كانت ظروفه أو مكان إقامته. فالحصول على الهوية ليس ترفاً أو امتيازاً، بل حقٌ طبيعي وأساسٌ للكرامة الإنسانية.
وإذا ما تم تنفيذ هذا المشروع بالشكل الصحيح، فقد يكون خطوة أولى حقيقية نحو استعادة السوريين لبعض من ثقتهم بمؤسساتهم، وتمهيدًا لعودتهم القانونية والآمنة إلى وطنهم، أو على الأقل لإثبات انتمائهم إليه، مهما ابتعدت بهم المسافات.