وصلت صباح اليوم إلى مطار حلب الدولي أول دفعة من المساعدات القطرية المخصصة لدعم عمليات إطفاء حرائق الغابات المشتعلة في ريف محافظة اللاذقية منذ أكثر من عشرة أيام، وذلك في إطار تعاون إقليمي متزايد يهدف إلى الحد من انتشار النيران وحماية السكان والممتلكات في المناطق المتضررة.
وبحسب مصادر مطّلعة في قطاع الطيران المدني، فإن الشحنة القطرية التي وصلت اليوم تضم ثلاث طائرات من أصل ست مقرّرة، وتحمل على متنها مروحيتين متخصصتين من وزارة الدفاع القطرية مزوّدتين بتقنيات الإطفاء الجوي، إلى جانب عدد من سيارات الإطفاء والإسعاف المجهزة، بالإضافة إلى حمولات من الدعم اللوجستي تشمل معدّات اتصال ومستلزمات تدخل سريع.
كما رافق الشحنة فريق ميداني قطري مؤلف من أكثر من 100 عنصر من قوات الدفاع المدني “لخويا”، بالإضافة إلى فريق من مجموعة البحث والإنقاذ الدولية، ومجموعة تشغيل جوي تضم 35 خبيرًا وفنّيًا من القوى الجوية القطرية، مع دعم طبي متخصص لمساندة الفرق المحلية في معالجة الإصابات وتوفير الخدمات الطارئة في مناطق الكوارث.
وكان في استقبال الوفد القطري وفد رسمي سوري ضم معاون وزير الطوارئ أحمد محمد ديب أقزيز، وعددًا من ممثلي الهيئة العامة للطيران المدني برئاسة مدير العلاقات العامة علاء صلال، حيث جرى استعراض أولي لخطة التنسيق المشترك بين الجانب القطري ونظرائه السوريين، تمهيدًا للانتشار الميداني المباشر في بؤر الاشتعال الأساسية بريف اللاذقية.
أتوجّه بجزيل الشكر والامتنان لدولة قطر الشقيقة ولمجموعة البحث والإنقاذ القطرية الدولية بقوة الأمن الداخلي (لخويا) على إرسال خمس طائرات تحمل على متنها حوامات خاصة بإطفاء الحرائق، وسيارات إطفاء، و 138 من الكوادر البشرية، وذلك دعماً لجهود إخماد حرائق الغابات في ريف اللاذقية، ووصلت… pic.twitter.com/0PTetSRiKy
— Raed Al Saleh ( رائد الصالح ) (@RaedAlSaleh3) July 12, 2025
وفي تصريح سابق نُشر على منصة “إكس”، وجه وزير الطوارئ وإدارة الكوارث السوري رائد الصالح رسالة شكر رسمية إلى دولة قطر، مثمّنًا الاستجابة العاجلة والدعم النوعي الذي قدمته الفرق القطرية، وكذلك فيما يتعلق بإرسال طائرات مروحية الإطفاء المتخصصة في الحرائق، التي تمثل عنصرًا حاسمًا في المواجهة الجوية للحرائق المتسارعة في ظل ارياح الشديدة.
وقال الصالح إن “هذه المبادرة تعكس عمق العلاقات الأخوية والتاريخية بين الشعبين السوري والقطري”، مشيرًا إلى أن التنسيق سيستمر في الأيام المقبلة مع التركيز على توسيع نطاق التغطية الجوية وتكثيف عمليات التدخل المباشر على الأرض.
وتأتي هذه المساعدات في وقت يشهد فيه الساحل السوري أحد أكثر مواسم الحرائق قسوة منذ سنوات، حيث التهمت النيران خلال الأيام الماضية مساحات واسعة من الأحراج الطبيعية والبساتين الزراعية، مهددة عدة قرى وبلدات، مع تسجيل إصابات بين المدنيين وفرق الإطفاء، إضافة إلى خسائر مادية كبيرة.
الجدير بالذكر أن فرق الإطفاء السورية لا تعمل وحدها، بل تتلقى منذ بداية الكارثة دعمًا من فرق برية من تركيا والأردن، فيما تشارك طائرات من لبنان وسوريا وتركيا في تنفيذ عمليات الإخماد الجوي، في مشهد تنسيقي نادر يُظهر مدى خطورة الوضع وتعقيده الميداني، وسط مخاوف من اتساع رقعة الحرائق إذا لم تُواجه بأقصى درجات الجهوزية والتعاون الإقليمي والدولي.
وبحسب تقييم أولي لأضرار الأسبوع الأول من الحرائق، تجاوزت المساحات المحترقة عتبة 1400 هكتار، وتضررت عشرات المنازل بشكل مباشر، فيما تم إجلاء عشرات العائلات من بعض القرى المعرضة للخطر، لا سيما في محيط منطقتي قسطل معاف وعطيرة، حيث شهدت النيران أعنف تمدد لها.
وتُعقد آمال كبيرة على دخول الدعم الجوي القطري في تغيير معادلة المواجهة، لا سيما أن المروحيات القادمة اليوم مصمّمة للعمل في التضاريس الجبلية وتعمل بكفاءة عالية في المناطق الوعرة، وهو ما تحتاجه فرق الإطفاء السورية التي واجهت صعوبات كبيرة في الوصول إلى بؤر اللهب ضمن الغابات الكثيفة والتلال الوعرة.
يُذكر أن جهود الدعم الدولية لم تنحصر في الجانب الميداني فقط، بل شملت أيضًا مبادرات من مؤسسات إغاثية وإنسانية بدأت بتقديم مساعدات للمتضررين، تشمل مواد إيواء ومياه ومستلزمات طبية، وسط تحذيرات من أن استمرار موجة الحرائق دون السيطرة الكاملة قد يؤدي إلى كارثة بيئية وإنسانية أوسع، تمتد آثارها لسنوات قادمة.