بحث وزير النقل السوري الدكتور يعرب بدر مع رئيس جمعية النقل المبرد في دمشق عبد الإله جمعة، وممثل الجمعية جمال القاضي، واقع قطاع النقل المبرد والتحديات التي تواجه العاملين فيه، وذلك خلال اجتماع رسمي عقد في مبنى الوزارة بدمشق، بحضور عدد من المسؤولين المعنيين في قطاع النقل. وتركّزت المناقشات على ضرورة تطوير آليات العمل، وتنسيق الجهود مع مختلف الجهات ذات الصلة لتأمين بيئة تشغيل أكثر كفاءة واستقراراً، بما يخدم حركة التبادل التجاري ويعزز سلاسل الإمداد الحيوية.
وأكد الدكتور بدر خلال الاجتماع أن وزارة النقل تضع هذا القطاع الحيوي في دائرة اهتمامها، انطلاقاً من دوره الأساسي في دعم الاقتصاد الوطني، ولا سيما في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد والمنطقة. وأوضح أن الوزارة تسعى بشكل دائم إلى تذليل العقبات التي تعترض عمل الشاحنات المبردة والسائقين، وتعمل على تحسين الإجراءات التنظيمية والفنية بالتعاون مع الوزارات والجهات ذات الصلة داخلياً وخارجياً. وشدد على أهمية تعزيز انسيابية حركة الشحن بين سوريا ودول الجوار، خاصةً في ما يتعلق بالشحن المبرد، لما له من دور محوري في نقل المنتجات الزراعية والغذائية والدوائية التي تتطلب ظروف نقل خاصة.
كما ناقش الاجتماع مسألة تسهيل عبور الشاحنات المبردة إلى الخارج، لا سيما باتجاه الدول الخليجية، حيث أشار المجتمعون إلى أهمية تخفيف الأعباء التي تواجه أصحاب الشاحنات من رسوم وتأشيرات وتعقيدات إدارية، والتي باتت تشكل عائقاً حقيقياً أمام تطور القطاع. وفي هذا السياق، أكد الوزير بدر أن التنسيق مع وزارات الخارجية والاقتصاد والداخلية مستمر من أجل التوصل إلى آليات أكثر مرونة في التعامل مع الشاحنات السورية على المعابر وفي الدول المستقبلة، وبما يكفل تحقيق مصالح جميع الأطراف من دون المساس بجودة الخدمات أو سلامة الشحنات.
من جانبهم، شدد ممثلو جمعية النقل المبرد على ضرورة تعزيز التواصل المباشر مع دول العبور لتسريع عملية منح التأشيرات لسائقي الشاحنات، وتبسيط الإجراءات المعقدة التي تؤخر وصول البضائع في الوقت المناسب، خاصةً تلك التي تتطلب النقل ضمن درجات حرارة محددة. وأوضح عبد الإله جمعة أن عدم استقرار الإجراءات في بعض الدول ينعكس سلباً على عمل الشركات السورية، ويؤثر على سمعتها التجارية، مشيراً إلى أهمية وضع آليات تنسيق دائمة بين وزارة النقل والجمعية ومختلف الجهات لضمان جاهزية القطاع وفعاليته في أداء دوره الحيوي.
بدوره، أشار ممثل الجمعية جمال القاضي إلى أن المشاكل التي يعاني منها القطاع لا تقتصر على الإجراءات الخارجية فقط، بل تشمل أيضاً تحديات داخلية مثل نقص قطع الغيار، وارتفاع كلف الصيانة، وصعوبة الحصول على الدعم الفني، داعياً إلى تقديم تسهيلات تشجيعية لأصحاب الشاحنات وتخصيص مراكز صيانة متخصصة بالتنسيق مع وزارة الصناعة، وتوفير فرص تدريب للسائقين على التقنيات الحديثة في النقل المبرد.
وشارك في الاجتماع كل من مدير تنظيم نقل البضائع في وزارة النقل خالد كسحة، ومدير العلاقات العامة حسين عبد الله، حيث تم عرض مجموعة من الدراسات الأولية التي أعدّتها الوزارة بالتعاون مع الجمعية، تتضمن مقترحات لتطوير بنية النقل المبرد، وإعداد قاعدة بيانات دقيقة للشركات والسائقين العاملين في هذا القطاع، وتحديد أهم المعوقات التي يجب العمل على معالجتها في المرحلة القادمة.
وقد جاء هذا الاجتماع في إطار خطة وزارة النقل لتطوير قطاع النقل بمختلف أشكاله، مع التركيز بشكل خاص على الشحن المبرد باعتباره من القطاعات الحيوية التي ترتبط بشكل مباشر بصادرات سوريا الزراعية والصناعية والغذائية، ويُعد ركيزة مهمة في دعم استقرار السوق المحلي، وضمان انسياب السلع الأساسية داخلياً وخارجياً. ويُنتظر أن تتابع الوزارة نتائج هذا الاجتماع عبر لجان عمل مشتركة بين الجمعية والإدارات المختصة، لمتابعة تنفيذ التوصيات التي تم التوافق عليها، والسير بخطوات عملية نحو رفع كفاءة هذا القطاع ودعمه تنظيمياً وفنياً وتشريعياً.
ويُذكر أن قطاع النقل المبرد في سوريا شهد خلال السنوات الماضية تراجعاً ملحوظاً نتيجة تضرر البنية التحتية والضغوط الاقتصادية والعقوبات، إلا أنه لا يزال يحتفظ بمكانته المحورية في منظومة التصدير، ويُعوّل عليه كثيراً في المرحلة المقبلة كأداة إنعاش اقتصادي وفرصة استثمارية واعدة في ظل تنامي الطلب الإقليمي على المنتجات السورية، لا سيما الزراعية والدوائية.
ويؤكد خبراء في مجال النقل أن دعم هذا القطاع يحتاج إلى إرادة سياسية وبيئة قانونية مستقرة، إلى جانب شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، معتبرين أن التحركات الأخيرة لوزارة النقل بهذا الاتجاه تمثّل خطوة إيجابية على طريق إصلاح شامل يعيد للنقل السوري مكانته الإقليمية، ويعزز حضوره في السوق العربية والخليجية.