في ظل تصاعد الأحداث الميدانية والسياسية في سوريا، تتعرض البلاد منذ أيام لهجمة إلكترونية منسقة وواسعة النطاق، يُعتقد أن أطرافًا إقليمية ودولية تقف خلفها، أبرزها أجهزة تتبع للكيان الإسرائيلي، وميليشيات قسد، وشبكات رقمية مرتبطة بجماعة حكمت الهجري، بالإضافة إلى فلول النظام السابق. هذه الحملة لا تقتصر على منشورات متفرقة، بل تتخذ طابعًا منظمًا ومكثفًا عبر جيوش إلكترونية تُغرق مواقع التواصل الاجتماعي بمعلومات مفبركة وشائعات تستهدف زعزعة الاستقرار النفسي والمعنوي لدى الشارع السوري.
الحملة تُدار من حسابات وهمية وأسماء مستعارة تدّعي أحيانًا الانتماء لمصادر داخلية أو لشخصيات إعلامية، ما يجعل من الصعب على المستخدم العادي التمييز بين الخبر الحقيقي والمزيف. كما أن بعض الحسابات تتعمد بث أخبار إيجابية زائفة ثم نفيها لاحقًا لخلق حالة من الإحباط والتشكيك، وهي أساليب اعتادت عليها الأنظمة المعادية لتضليل الرأي العام والتشويش على الحقائق. وفي هذا السياق، تنشط منصات محسوبة على أطراف خارجية، بينها حسابات عراقية ولبنانية تحمل توجهات طائفية معروفة، ما يثير الشكوك حول وجود تنسيق إقليمي واسع النطاق في هذه الحرب المعلوماتية ضد سوريا.
مراقبون حذروا من الاستجابة السريعة لهذه الحملات، مؤكدين أن تكرار الشائعات بكثافة لا يعني صحتها، بل يعكس حجم الاستثمار الذي يتم توجيهه لخلق رأي عام مزيف. وتوصي الجهات المختصة بعدم تداول أي أخبار غير موثقة في مجموعات واتساب أو قنوات تلغرام، وتجنب الاعتماد على حسابات مجهولة أو مستعارة في تلقي الأخبار، مهما كانت نبرة المنشور جذابة أو مثيرة. كما دعت إلى متابعة الأخبار عبر وسائل إعلام معروفة وموثوقة أو من خلال إعلاميين ذوي مصداقية معروفة، مشددة على أن التحقق من أي معلومة قبل إعادة نشرها هو مسؤولية وطنية.
الوضع العام في البلاد، بحسب مصادر موثوقة، مستقر أمنيًا رغم التحديات، ولا صحة لما يتم تداوله حول انهيارات وشيكة أو سيناريوهات مبالغ بها. كما أن الجهات الحكومية مستمرة في عملها لضبط الأمور وتوفير الاستقرار، ولا وجود لمخاوف حقيقية على الأرض بحجم ما يُضخ عبر الشبكات الاجتماعية. ويؤكد متابعون أن ما يجري لا يمكن فصله عن المسارات الإقليمية التي تستهدف سوريا من خلال أدوات إعلامية بديلة عن الحروب التقليدية.
ما يجري ليس عفويًا كما يبدو، بل هو عملية تضليل مركّزة تُطبخ في غرف استخبارات خارجية، هدفها إرباك الداخل السوري، وبث الشك بين الدولة والمجتمع، ودفع السوريين نحو خيارات لا تمثلهم. الوعي الشعبي والتمسك بالمصادر الحقيقية للخبر، هو السبيل الوحيد لكشف هذه الهجمة الإلكترونية وإفشالها. سوريا اليوم بحاجة لكل صوت عاقل، وكل كلمة مسؤولة، لأن الحرب الجديدة لم تعد تُخاض بالرصاص فقط، بل بالكلمة والصورة والمنشور السريع.