أقسام الوصول السريع ( مربع البحث )

ملتقى من أجل فرص العمل لذوي الإعاقة في دمشق يفتح أبواب الأمل

الكثير من المعاقين السوريين يواجهون صعوبة في الحياة، ليس فقط على المستوى الصحي، بل أيضاً في تأمين فرص العمل التي تُراعي قدراتهم وتطلعاتهم. وفي محاولة جادة لتغيير هذا الواقع، أطلقت المنظمة الفنلندية للإغاثة، بدعم مالي من وزارة الخارجية الفنلندية، وبالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية، ملتقىً خاصاً لتأمين فرص العمل للأشخاص ذوي الإعاقة.

وذلك في فندق “البوابات السبع” بدمشق. ويشهد الملتقى مشاركة 50 جهة من مؤسسات وشركات خاصة ومنظمات غير حكومية، بهدف خلق بيئة توظيف حقيقية تستوعب هذه الشريحة من المجتمع وتعيد دمجها في سوق العمل من خلال فرص واقعية تراعي خصوصياتهم وتمنحهم الأمل بظروف حياة أفضل.

الملتقى، الذي يستمر على مدار يومين، يهدف إلى تقديم منصة مباشرة للتواصل بين الباحثين عن عمل من أصحاب الإعاقة وجهات العمل المحتملة، مع التركيز على الدرجات الخفيفة والمتوسطة من الإعاقة، وتشمل الفرص المطروحة وظائف مناسبة لحملة الشهادات الجامعية، والدبلوم، وحتى الثانويات. الفعالية لا تقتصر على التوظيف فقط، بل تشمل ورشات عمل تدريبية تُعنى بمهارات كتابة السيرة الذاتية، واجتياز المقابلات الوظيفية، واستخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير المسار المهني، إضافة إلى التوعية بالحقوق القانونية والسلامة المهنية في بيئة العمل.

وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات أكدت في تصريح صحفي أن الوزارة تعمل على مشروع لرفع نسبة تشغيل ذوي الإعاقة في القطاعين العام والخاص لتصل إلى 10%، مشيرة إلى ضرورة إشراك هذه الفئة الصامدة في عملية بناء الوطن، وداعية رجال الأعمال والصناعيين إلى تغيير النظرة التقليدية والاعتراف بكفاءة وقدرة ذوي الإعاقة على العطاء.

من جانبه، أوضح المدير القطري للمنظمة الفنلندية للإغاثة، مازن الخزوز، أن الملتقى تمكّن في يومه الأول من توفير نحو 130 فرصة عمل و470 فرصة تدريبية، داعياً إلى استمرار هذه الجهود عبر مبادرات متكاملة بمشاركة القطاعين العام والخاص.

من جهتها، أشادت وفاء العيسى، مديرة الموارد البشرية بمؤسسة S.E.A، بالمشاركة في الملتقى، مؤكدة حرص مؤسستها بشكل كبير على توفير فرص عمل تلائم احتياجات ذوي الإعاقة، وفي الأخص في ضوء تجربتهم السابقة في إعداد إحصاء خاص بالصم عام 2018.

كما قدّم الدكتور "محمد هاشم"، مدير الصحة والسلامة المهنية في مؤسسة التأمينات الاجتماعية، محاضرة تناولت أهم المخاطر التي قد تواجه العاملين من ذوي الإعاقة، وسبل الوقاية منها، لتمكينهم من العمل في بيئة آمنة تحفظ كرامتهم وحقوقهم.

نور الدين سراقبي، مدير العلاقات العامة في “وكالة نون”، تحدث عن دور وكالته في تقديم دورات تدريبية رقمية وتقنية تؤهل المشاركين للدخول إلى سوق العمل من أوسع أبوابه، في حين عبّر الشاب خالد المصري من ريف دمشق، وهو من ذوي الهمم، عن شكره العميق للملتقى، واصفاً إياه بـ”الفرصة الذهبية” التي يمكن أن تغيّر حياة الكثير من الشباب ممن لم تتح لهم فرصة إثبات الذات من قبل.

الملتقى شهد حضور عدد من الشخصيات الرسمية والدولية، من بينهم وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور محمد نضال الشعار، وممثلون عن وزارة الخارجية الفنلندية، وهيئات مانحة، ومديرو شركات سورية، بالإضافة إلى ممثلين عن منظمات غير حكومية وهيئات تابعة للأمم المتحدة.

وفي سياق متصل، تواصل الحكومة السورية اتخاذ خطوات تشريعية لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة، من بينها القرار الذي صدر مؤخراً عن وزارة الشباب والرياضة بإعفائهم من كافة الرسوم والاشتراكات الخاصة بحضور الأنشطة والفعاليات العامة، وهو ما يعكس اتجاهاً رسمياً واضحاً نحو تعزيز الاندماج الاجتماعي لهذه الفئة في مختلف المجالات.

ملتقى فرص العمل لذوي الإعاقة في دمشق ليس مجرد حدث مؤقت، بل هو مؤشر على نضوج الوعي المجتمعي والرسمي بضرورة بناء مجتمع شامل، يفتح ذراعيه للجميع دون تمييز، ويُعطي كل فرد فرصته الكاملة في العيش بكرامة والمساهمة في بناء الوطن.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-