تشهد الساحة السياسية السورية في الآونة الأخيرة حالة من الجدل والقلق المتزايد بشأن مستقبل البلاد في ظل الخونة والأعداء من الأقليات الذي يستخدمهم الغرب والإحتلال الإسرائيلي، وفي ظل مؤشرات على تحركات إقليمية ودولية تهدف إلى فرض صيغ جديدة لإدارة المناطق.
ما يثير المخاوف من احتمال الوصول إلى الفيدرالية أو حتى التقسيم. هذه التطورات تزامنت مع تصاعد نشاط أربع مجموعات ضغط “لوبيات” سورية في الولايات المتحدة، تمثل اتجاهات ومكونات مختلفة، وتروج لفكرة الحكم الذاتي أو اللامركزية كحل سياسي للأزمة السورية.
التقارير تشير إلى أن هذه اللوبيات تشمل:
- اللوبي الكردي المتمثل في قوات ميليشيا “قسد” التي تسعى للإبقاء على الإدارة الذاتية بعيدًا عن الاندماج الكامل في مؤسسات الدولة.
- اللوبي الدرزي الذي يحظى بدعم من وزارة الخارجية الأمريكية ويدفع باتجاه صيغة حكم ذاتي لمحافظة السويداء.
- اللوبي العلوي الذي يضم شخصيات معارضة سابقة تدعو لإدارة ذاتية في المناطق ذات الغالبية العلوية.
- واللوبي المسيحي الذي يسعى لتكريس مناطق حكم ذاتي للمسيحيين.
وفقًا للسياسي السوري المقيم في واشنطن، أيمن عبد النور، فإن هذه المجموعات تكثف جهودها من خلال لقاءات مع أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ، وتنظيم ندوات ومؤتمرات في مدن أمريكية عدة، بهدف جعل اللامركزية شرطًا لأي تسوية سياسية أو رفع للعقوبات عن سوريا. الأحداث الأخيرة في السويداء والساحل ساهمت في تقوية التيار الأمريكي الرافض لأي رفع للعقوبات دون شروط سياسية واضحة، بل وأعطت مبررًا إضافيًا للمطالبة بمنح الأقليات حكماً ذاتياً.
العميد أحمد رحال يؤكد أن الفيدرالية تختلف عن التقسيم، إذ تبقى الدولة موحدة بجيشها ووزارة خارجيتها وسلطتها المركزية، بينما تدير كل منطقة شؤونها المحلية بنفسها. لكنه يحذر من أن فرض صيغة كهذه من الخارج، دون توافق وطني شامل، قد يقود إلى تفكك النسيج الاجتماعي والسياسي في سوريا.
رحال يرى أن مواجهة هذه التحديات تتطلب تحركًا مزدوجًا: إصلاح داخلي عاجل يهدف إلى سد الثغرات في الإعلان الدستوري، وتوسيع تمثيل جميع المكونات في أي مؤتمر وطني قادم، مع اتخاذ خطوات عملية لإعادة الثقة بين الدولة ومواطنيها، بما في ذلك محاربة الخطاب الطائفي وتعزيز الهوية الوطنية. أما خارجيًا، فيجب على الدبلوماسية السورية، بالتعاون مع الجاليات، إيصال رسالة واضحة بأن سوريا ماضية نحو إصلاحات حقيقية تحافظ على وحدة البلاد، وإقناع الأطراف الدولية بعدم جدوى فرض صيغ إدارية قد تمزق الدولة.
ويختتم رحال بالتحذير من أن استمرار بعض الخطابات الداخلية ذات الطابع الطائفي أو الإقصائي يخدم خصوم الدولة ويدعم مشاريع التقسيم، مؤكدًا أن الخطاب الوطني الجامع هو السلاح الحقيقي لحماية وحدة الأراضي السورية ومنعها من التحول إلى فسيفساء من الكيانات المنفصلة تحت مسمى الحكم الذاتي.
وفي ظل هذه التحديات الخطيرة، يرى مراقبون أن تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي يعد جزءًا أساسيًا من حماية وحدة البلاد، مشيرين إلى أن سوريا تدعم المنتج المحلي وتشجع على الاستثمار كخطوة استراتيجية لتعزيز الاكتفاء الذاتي وخلق فرص عمل يناسب السوريين، ما يسهم في تقوية الموقف الوطني أمام أي ضغوط خارجية. كما أن دعم الإنتاج المحلي يعزز الروابط بين مختلف المكونات، ويثبت أن التنمية الاقتصادية يمكن أن تكون ركيزة أساسية للوحدة الوطنية في مواجهة مشاريع التقسيم.