هذه العبارات صارت مألوفة لكل مواطن يحاول إنجاز معاملة رسمية في سوريا مجرد ورقة واحدة قد تدخلك في دوامة مكاتب وأختام وتواقيع لا تنتهي. ما كان يُفترض أن يتم خلال ساعات قد يمتد لأيام وربما أسابيع وكل ذلك وسط طوابير طويلة وازدحام خانق مع موظفين مرهقين ومراجعين مستائين.
المعاملة البسيطة لم تعد بسيطة وأحيانًا تشعر أن إنجازها يحتاج إلى نَفَس طويل و"معرفة" تسهّل مرورك بين المكاتب أو حتى انتظار طويل بلا أي ضمانات بأن تُنجز معاملتك في النهاية.
متاهة الإجراءات وتعقيد الروتين
أي معاملة رسمية حتى لو كانت بسيطة تتحول في كثير من الأحيان إلى سلسلة طويلة من المراجعات بين المكاتب والدوائر. تبدأ القصة غالبًا بجمع كمية كبيرة من الأوراق والمعاملات بعضها قد يكون متوفرًا بسهولة لكن البعض الآخر يضطر المواطن للبحث عنه بين أكثر من جهة. بعدها تبدأ رحلة الأختام والتواقيع حيث يتنقّل المراجع بين الطوابق والمكاتب بحثًا عن توقيع أو ختم ناقص.
وفي منتصف الطريق قد تُفاجأ بأن الموظف المسؤول عن توقيعك "مو موجود اليوم" أو أن الشبكة مقطوعة، فتضطر لتأجيل كل شيء ليوم آخر. والأسوأ من ذلك أن تكتشف في النهاية أنّ هناك ورقة إضافية مطلوبة لم يخبرك أحد بها من البداية.
المراجعات الكثيرة والتأخير المستمر
أصبح تأخير المعاملات الرسمية أمرًا مألوفًا يواجهه المواطن السوري يوميًا مهما كان نوع هذه المعاملة.
أمثلة واقعية:
- جواز السفر: حجز الدور قد يمتد لشهور يلي ذلك انتظار طويل لاستلام الجواز.
- البطاقة الشخصية: والأوراق الثبوتية: يضطر كثيرون لمراجعة الدائرة أكثر من مرة بسبب أخطاء في البيانات أو تأخر الطباعة.
- تسجيل المواليد الجدد: إجراء يبدو بسيطًا لكنه غالبًا يتأخر لأيام وربما أسابيع بسبب نقص توقيع أو طلب ورقة لم يُبلغ المواطن بضرورة وجودها مسبقًا.
- معاملات الزواج: تتطلب التنقل بين عدة جهات رسمية من المحكمة إلى البلدية وقد تمتد لفترات طويلة إذا حدث أي تأخير في تقديم المستندات أو وجود أخطاء في البيانات.
- تسجيل العقارات ونقل الملكية: من أكثر المعاملات تعقيدًا، إذ تتطلب مراجعة عدة دوائر والحصول على موافقات متتابعة ما يجعل إتمامها يستغرق شهورًا في بعض الحالات.
- القضايا القضائية: العديد من الدعاوى تبقى عالقة لفترات طويلة بسبب الضغط الكبير على المحاكم وقلة عدد القضاة.
- توضح هذه الأمثلة أن أبسط المعاملات قد تتحول إلى مشكلة كبيرة تحتاج إلى متابعة وحتى بلا نهاية محددة، مما يزيد الضغط النفسي والمادي على المواطنين ويؤثر على حياتهم اليومية.
التأثير النفسي والمادي على المواطن السوري
تأخير المعاملات الرسمية لا يستهلك الوقت والتعب والانشغال عن الوظيفة او بل حتى الطرد من الوظيفة او مشاكل أخرى.. بل يترك أثرًا سلبياً واضحًا على المواطن:
- الإرهاق النفسي: الانتظار الطويل والازدحام يولّد شعورًا بالإحباط والتوتر المستمر.
- الضغط المادي: تكرار المراجعات يعني مصاريف إضافية في المواصلات ورسوم الإجراءات.
- تعطيل الحياة اليومية: معاملات مرتبطة بالسفر، العمل، الميراث أو الزواج تتأخر،ما يؤثر على استقرار الأفراد وعائلاتهم.
حلول ممكنة لـ تحسين الوضع في الدوائر الحكومية
رغم صعوبة الواقع هناك خطوات يمكن أن تخفف من هذه المعاناة وتحسّن تجربة المواطن:
- توسيع الخدمات الإلكترونية: توفير منصات متكاملة تتيح تقديم الطلبات ومتابعتها عن بُعد.
- تبسيط الإجراءات: دمج الخطوات المتكررة وتقليل الحاجة لمراجعات متعددة.
- تأهيل الموظفين: تدريب الكوادر على تقديم خدمة سريعة ومناسبة وتحسين أسلوب التعامل مع المواطنين.
- تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد: إنشاء آليات رقابية فعّالة لتقليل الوساطات والتأخير المتعمد.
تأخير المعاملات الرسمية في سوريا أصبح جزءًا من حياة المواطنين اليومية بين الانتظار الطويل والتنقل بين المكاتب يشعر الفرد أحيانًا بالإرهاق والإحباط. ومع ذلك يبقى الأمل في تحسين الإجراءات مستقبلًا لتصبح الدوائر أكثر تنظيمًا وتخفف عن الناس عبء الروتين وتسهل حياتهم اليومية بشكل واضح.
إرسال تعليق