ياسر سليمان العباس، ابن قرية الحوائج في ريف دير الزور، بدأ مسيرته قبل اندلاع الثورة السورية كأستاذ لمادة اللغة العربية، لكن الأحداث التي عصفت بالمنطقة دفعت به إلى مسارات متناقضة أثارت الكثير من الجدل حوله. فبعد أن أصبح إمامًا وشرعيًا في تنظيم داعش، وجد نفسه عقب هزيمة التنظيم عام 2017 مضطرًا للانتقال إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الجزيرة السورية، وتحديدًا في بلدة محيميدة غرب دير الزور.
استفاد العباس من شبكة علاقاته، سواء مع بعض القيادات الكردية في قسد أو مع أقاربه في مدينة القامشلي، ليعيد ترتيب موقعه السياسي والاجتماعي. وبوساطات وصفقات مع شخصيات عشائرية وكوادر نافذة في قسد، تمكن من الحصول على مكاسب مادية ملموسة، بينها تراخيص لمنظمات بطريقة غير قانونية، إضافة إلى شراء أرض وبناء منزل في محيميدة، ما عزز مكانته الجديدة كلاعب محلي في المشهد السياسي.
قسد رأت فيه شخصية عربية يمكن أن تشكل واجهة سياسية داعمة لمشروعها، فعمدت إلى تعيينه عضوًا في لجنة التفاوض مع النظام السوري، وهو ما اعتبره معارضوه خطوة لتوظيفه كأداة في خدمة سياسات تفتقر إلى الإجماع الشعبي العربي في المنطقة. وبالرغم من دعوات أقاربه وعشيرته للابتعاد عن هذا المسار وترك العمل مع قسد، ظل العباس متمسكًا بولائه للمشروع السياسي الذي يتبناه المجلس، مدافعًا عنه في تصريحات إعلامية متكررة.
خصومه يرونه مثالًا على التحول من موقع إلى نقيضه، معتبرين أن تقديم نفسه كثائر يخفي حقيقة كونه أداة مطيعة بيد قسد، استفاد من امتيازاتها ومكاسبها على حساب أبناء عشيرته العرب الذين ينظرون إليه كخائن لهم ولمصالحهم. وبين هذه الرؤى المتباينة، يظل ياسر سليمان العباس شخصية مثيرة للجدل تعكس تعقيدات المشهد السوري وتشابك الولاءات فيه بين السياسة، المال، والانتماء العشائري.