U3F1ZWV6ZTUxNTY3MzM1NTgxMjczX0ZyZWUzMjUzMzEzNDM1NjY4Ng==

فضيحة “جدّ اللاجئين” في أنقرة.. تحقيق BBC يكشف تحرشًا وابتزازًا جنسيًا داخل متجر خيري للسوريين

في واحدة من أكثر القضايا إثارةً للجدل في تركيا، فجّر تحقيق استقصائي أجرته شبكة BBC التركية موجة غضب واسعة بعد كشفه عن اتهامات بالتحرش والاعتداء الجنسي داخل متجر خيري في العاصمة #أنقرة، يديره رجل يُلقّب بـ”جدّ اللاجئين” كان يُنظر إليه على أنه رمز للعطاء ومساعدة السوريين المحتاجين.

التحقيق الذي استمر أكثر من عام، كشف شهادات مروّعة لنساء سوريات لجأن إلى المتجر طلبًا للمساعدة، فوجدن أنفسهن في مواجهة تهديدات واعتداءات صادمة من الرجل الذي يفترض أنه يمدّ لهن يد العون.

بدأ كالملاك ثم تحوّل إلى وحش

الضحية الأولى، “مدينا” (اسم مستعار)، وصلت إلى تركيا عام 2016 من مدينة #حلب، لتبدأ حياة صعبة مع أطفالها الثلاثة بعد أن تركها زوجها. لجأت إلى متجر “أمل الخيري” الذي يديره سعد الدين كاراغوز، أملاً في الحصول على مساعدات غذائية وملابس.

لكنها روت لـBBC أن زيارتها تحوّلت إلى كابوس:

“أمسكني وقال إنه معجب بي، حاول تقبيلي ولامسني بطريقة قذرة. صرختُ ودفعتُه بعيدًا، ولو لم أصرخ كان سيحاول اغتصابي.”

تقول مدينا إنها هربت مذعورة، لكن الصدمة لم تتوقف هناك، إذ زارها كاراغوز لاحقًا مهددًا إياها بالترحيل إلى سوريا إن تحدثت عن الحادثة. وتضيف:

“كنت خائفة من الشرطة ومن الترحيل، فاخترت الصمت. لم أكن أريد سوى إطعام أطفالي.”

قال لي فقط عشر دقائق وسأساعدك

الضحية الثانية، “ندى”، أكدت أن كاراغوز عرض عليها المساعدة بشرط أن ترافقه إلى شقة خالية قرب المتجر. وقالت:

“قال لي لن يستغرق الأمر سوى عشر دقائق وإن لم تأتِ فلن أعطيك شيئًا.”

وعندما رفضت، تحرّش بها داخل المتجر ولمس جسدها، مضيفةً:

“قال لا تخافي، هذا أمر طبيعي. بكيت وخرجت أركض. كنت أشعر بالقرف والخذلان.”

ندى حذّرت صديقاتها من دخول المكان، مؤكدة أن الكثير من النساء كنّ يخشين التحدث خوفًا من الانتقام أو فقدان المساعدات التي يعتمدن عليها.

شهادة ثالثة “لم أعد أجرؤ على طرق باب أحد”

الضحية الثالثة، “باتول”، قالت إنها تعرضت للتحرش أثناء تسلمها طردًا غذائيًا من المتجر، حيث اقترب منها كاراغوز من الخلف ووضع يده على جسدها.

“صرخت ودفعتُه وغادرت المكان. لم أعد أجرؤ حتى على طرق باب أحد طلبًا للمساعدة.”

باتول التي تعيش اليوم في ألمانيا قررت التحدث علنًا لتشجع النساء الأخريات على كسر حاجز الخوف، قائلة:

“إذا سكتنا، سيتكرر الأمر مع أخريات.”

تحقيقات وشكاوى لم تصل إلى العدالة

بحسب الوثائق التي حصلت عليها BBC، تم استجواب كاراغوز مرتين من قبل الشرطة التركية، عامي 2019 و2022، بعد تقديم شكاوى رسمية من نساء سوريات. إلا أن النيابة أغلقت القضايا لعدم كفاية الأدلة.

وفي عام 2025، داهمت الشرطة متجره “أمل الخيري” بعد بلاغ جديد، وأغلقته مؤقتًا، لكن التحقيق أُغلق مجددًا لاحقًا.

مسؤول في مكتب الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) أكد أن المنظمة أجرت مقابلات سرّية مع عدد من الضحايا، مشيرًا إلى أن “معظم النساء خائفات من التحدث علنًا بسبب وضعهن القانوني وخشية الترحيل”.

دفاع “جدّ اللاجئين” أنا مريض لا أستطيع القيام بعلاقة

في المقابل، نفى سعد الدين كاراغوز كل الاتهامات خلال مقابلة أجرتها BBC معه في فندق بأنقرة، وقال إنه يعاني من أمراض مزمنة، مشيرًا إلى أنه خضع لجراحة أزيلت خلالها إحدى خصيتيه، ما يجعله “غير قادر على أي نشاط جنسي”.

لكنه أصرّ على أنه “خدم الفقراء واللاجئين” وأن الاتهامات “محاولة لتشويه سمعته من قبل أشخاص حاقدين”.

غير أن البروفيسور “آتش قاضي أوغلو”، خبير الطب الجنسي في جامعة إسطنبول، فنّد ادعاءه، مؤكّدًا أن إزالة خصية واحدة لا تؤثر بشكل كبير على الرغبة أو القدرة الجنسية.

النساء بين الصمت والخوف

تكشف هذه القضية الوجه المظلم للواقع الذي تعيشه آلاف اللاجئات في تركيا، حيث تصبح المساعدات أحيانًا وسيلة للابتزاز والاستغلال في ظل غياب الرقابة الصارمة على الجمعيات الخيرية الفردية.

تقول إحدى الناجيات:

“نحن لا نملك القوة لنواجه. الناس يروننا لاجئات فقط، وليس كنساء لهن كرامة.”

ويطالب ناشطون حقوقيون السلطات التركية بفتح تحقيق جديد مستقل، وضمان بيئة آمنة للضحايا لتقديم شكاويهن دون خوف، إضافة إلى تشديد الرقابة على الأنشطة الخيرية غير الحكومية التي تستقبل اللاجئين.

هذه الفضيحة، التي هزّت الرأي العام التركي والعربي، لا تُعد مجرد حادثة فردية، بل تكشف عن ثغرات مؤلمة في منظومة حماية اللاجئين، حيث يمكن لشخص واحد أن يستغل الضعف والفقر ليمارس سلطة مريضة على من لجؤوا إليه طلبًا للأمان.

المصدر:  شبكة BBC

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة