في تطور ميداني يُعيد تسليط الضوء على ملف الإخفاء القسري والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سوريا، عثرت فرق الدفاع المدني اليوم على مقبرة جماعية في منطقة مشروع فيلات الرواد السكني، الواقعة غرب مدينة دير الزور، وذلك بعد بلاغ من الجهات الأمنية المختصة.
محافظ دير الزور، غسان السيد أحمد، تفقد موقع المقبرة فور الإعلان عن اكتشافها، ووجه قوى الأمن الداخلي بفتح تحقيق رسمي للكشف عن خلفيات الحادثة وتحديد هوية الضحايا، كما كلّف مديرية الصحة بالإشراف المباشر على عمليات انتشال الجثامين وضمان الالتزام بالإجراءات الطبية والتوثيقية اللازمة.
وبحسب مصدر في الدفاع المدني، فإن عملية الكشف تمت بالتنسيق مع فرع الأمن الجنائي والجهات المعنية، وقد أظهرت المعاينة الأولية وجود خمس جثث حتى الآن، مع توقعات بوجود المزيد في الموقع ذاته بناءً على الأدلة والقرائن التي تم العثور عليها أثناء العمل الميداني. وأضاف المصدر في تصريحه لمراسل وكالة “سانا” أن فرق الدفاع المدني باشرت على الفور باتخاذ جميع التدابير التقنية اللازمة، وسط إجراءات احترازية لضمان دقة التوثيق والحفاظ على سلامة الموقع لحين الانتهاء من التحقيقات.
وأفادت مصادر محلية أن المنطقة التي تم العثور فيها على المقبرة كانت محاذية لنقاط أمنية تابعة لما وصفته بـ”النظام البائد”، ويُشتبه بأنها كانت تستخدم كمراكز احتجاز غير رسمية خلال السنوات الماضية. وأشارت التقديرات إلى احتمال وجود مزيد من المقابر الجماعية في الأحياء المجاورة، نتيجة ما وصفته المصادر بـ”عمليات تصفية جسدية واختفاء قسري نفذتها جهات أمنية بحق المدنيين، على مدى أكثر من عقد”.
وتأتي هذه الحادثة في وقت تتزايد فيه الدعوات الحقوقية المحلية والدولية إلى فتح ملفات المقابر الجماعية في سوريا، باعتبارها دليلاً مادياً على الجرائم التي ارتكبت بحق آلاف السوريين ممن فُقدوا قسراً في ظروف غامضة.
ويُعد هذا الاكتشاف مؤشراً جديداً على حجم الانتهاكات التي طالت محافظة دير الزور، إحدى أكثر المحافظات تضرراً خلال سنوات النزاع، حيث لا تزال عشرات العائلات تنتظر معرفة مصير أبنائها الذين فقدوا في ظل غياب آليات قضائية وطنية مستقلة تضمن العدالة والمساءلة.