الداخلية السورية: تنسيق ميداني واسع لمواجهة حرائق اللاذقية والتحقيقات جارية

أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، أن جولة ميدانية جرت صباح اليوم في ريف محافظة اللاذقية شملت عدة مواقع متضررة جراء الحرائق، وذلك بحضور وزير الداخلية اللواء أنس خطاب، والعميد عبد العزيز هلال الأحمد، قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية، ضمن إطار متابعة الاستجابة الحكومية لهذه الكارثة البيئية الكبيرة.

وقال البابا في تصريح رسمي عقب الجولة: “تشرفت بمرافقة معالي وزير الداخلية وقائد الأمن الداخلي في هذه الجولة، التي كانت فرصة للاطلاع عن كثب على حجم الضرر الذي خلفته النيران في العديد من المناطق الجبلية المحيطة، ولقاء عدد من فرق الإطفاء العاملة هناك”.

وأضاف البابا أن الخسائر البيئية التي سببتها الحرائق كبيرة ومؤلمة، خاصة في غابات طبيعية تشكل ثروة وطنية نادرة، لكن الأمر الإيجابي الذي أشار إليه هو “عدم وقوع أي خسائر بشرية حتى الآن، وهو ما نعتبره نعمة عظيمة ورجاءنا بالله أن يعوّض الوطن بما هو أفضل في قادم الأيام”.

وفي سياق حديثه عن أداء مؤسسات الدولة في مواجهة الأزمة، شدد المتحدث باسم وزارة الداخلية على وجود حالة فريدة من التنسيق والدعم المشترك بين مختلف الوزارات المعنية، موضحاً أن الجهود تُدار بروح الفريق الواحد، وأن وزارة الكوارث والطوارئ تتولى المسؤولية الميدانية الرئيسية عبر فرق الدفاع المدني (الخوذ البيضاء)، والتي وصفها بـ”أبطال الخط الأول في مواجهة النيران”، مؤكداً أن هذه الفرق تعمل بدعم مباشر من وزارتي الداخلية والدفاع.

وأشار البابا إلى أن الجهود الميدانية لا تقتصر على التحركات الرسمية، بل تعززت بشكل واضح من خلال المبادرات الشعبية الواسعة في المناطق المتضررة، موضحاً أن “الهبّات الشعبية والمبادرات المحلية التي شاهدناها على الأرض تمثل أحد أكبر المحفزات للعاملين في المؤسسات الرسمية لتقديم أفضل ما لديهم”، مضيفًا أن “الشعب السوري البطل لطالما كان سبّاقاً في البذل والإقدام، وخاصة حين يتعلّق الأمر بالوقوف إلى جانب وطنه في أوقات المحن”.

أما عن الأسباب المحتملة للحرائق، فقد أكد المتحدث باسم الوزارة أن التحقيقات لا تزال في بدايتها، وقال: “حتى اللحظة لا يوجد دليل قاطع على أن الحرائق مفتعلة، لكن هناك بعض المؤشرات الأولية التي تعمل الفرق الفنية والأمنية على التحقق منها بدقة”. وأوضح أن الوزارة تتعامل مع الملف بمهنية عالية وحذر، ولن تتهاون في ملاحقة أي جهة أو شخص تثبت ضلوعه في إشعال الحرائق، مشدداً على أن “من يثبت تورطه في ارتكاب هذه الجريمة الوطنية، سيتم تقديمه إلى العدالة لينال العقاب المناسب دون تهاون”.

وتواصل فرق الإطفاء والدفاع المدني، مدعومة بعناصر من الجيش وقوى الأمن الداخلي، جهودها على مدار الساعة لإخماد الحرائق التي اندلعت خلال الأيام الماضية في عدد من قرى وبلدات ريف #اللاذقية، وسط ظروف مناخية صعبة تتسم بارتفاع درجات الحرارة، وسرعة الرياح، وتعقيدات جغرافية في المناطق الجبلية.

يُذكر أن الحرائق تسببت بخسائر كبيرة في الثروة الحراجية والزراعية، وشملت مناطق واسعة من قرى “الغسانية”، و”كرسانا”، و”كرم المعصرة”، ومحيط “رأس البسيط”، إضافة إلى تهديد بعض المناطق السكنية، ما استدعى تنفيذ عمليات إخلاء احترازية لعدد من التجمعات السكانية، بإشراف مباشر من غرف العمليات المشتركة.

ويجري العمل حالياً على احتواء بؤر النيران المتبقية، مع تفعيل خطط الطوارئ ورفع مستوى الاستجابة في محافظة اللاذقية والمناطق المحيطة بها، وسط ترقب شعبي واسع لنتائج التحقيقات حول أسباب اندلاع هذه الموجة من الحرائق، وما إذا كانت تقف خلفها أيادي متعمدة، أو أنها ناجمة عن إهمال بشري.

في الوقت ذاته، أطلقت عدة جمعيات أهلية ومنظمات مجتمع مدني حملات تطوعية لدعم المتضررين، وتأمين الاحتياجات العاجلة للفرق الميدانية، وتقديم المساعدة للعائلات التي تم إخلاؤها مؤقتاً من منازلها، في مشهد يعكس حالة من التضامن الوطني الواسع في مواجهة الكارثة.

وتتابع وزارة الداخلية، بحسب المتحدث الرسمي، كل ما يجري ميدانياً عبر تقارير مباشرة تصل إلى قيادة الوزارة من الأرض، في حين أكد الوزير أنس خطاب خلال الجولة التفقدية أن الجهود ستستمر حتى آخر شرارة، مشددًا على أن أمن الوطن البيئي لا يقل أهمية عن أمنه الداخلي.

ويُنتظر أن تُعلن الوزارة قريباً عن نتائج أولية من التحقيقات الجارية بشأن خلفية هذه الحرائق، خاصة في ظل المطالبات الشعبية المتزايدة بالكشف عن أي تورط جنائي ومحاسبة المتسببين، إن وُجدوا، بما يليق بحجم الضرر الذي لحق بالبيئة السورية والاقتصاد المحلي.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-