تُعد مدينة الدريكيش الواقعة في ريف محافظة طرطوس واحدة من أهم وأجمل الوجهات السياحية الساحلية في سوريا. فهذه المدينة الصغيرة تحتضن طبيعة خلابة تمتزج فيها الجبال بالوديان، والغابات بالأنهار والينابيع وتشعر وكانك في سويسرا. كما تتميز بمناخ معتدل وهواء عليل يجعلها مقصداً مثالياً للزوار خلال فصل الصيف، بلإضافة إلى ما تحويه من مواقع أثرية ضاربة في عمق التاريخ. ولذلك فهي تجذب عشاق السياحة الطبيعية والتراثية على حد سواء، مما يجعلها من المدن السورية التي تستحق الاكتشاف والتجوال.
المعالم الأثرية في مدينة الدريكيش
تمتلك الدريكيش إرثًا تاريخيًا حضاريًا عميًا مميزًا يتمثل في مجموعة من القلاع والبرج والأسواق القديمة، ما يعكس عراقة المنطقة وتاريخها الطويل والعميق. من أبرز هذه المعالم قلعة الشيخ ديب التي تقع بين جبل النبي متى وجبل النبي صالح، وقد شُيدت على جبل بركاني صخري ما يمنحها حصانة طبيعية ويجعلها مقصدًا للسياح والباحثين عن عبق التاريخ في سوريا الذي تعود تاريخها إلى الأف السنين.
كما يبرز برج نخلة الأثري القريب من مركز المدينة كمعلم بارز آخر. وإلى جانب ذلك، تضم المنطقة السوق الأثري الذي يعكس ملامح الحياة التجارية القديمة، والجامع القديم الذي يعود تاريخ بنائه إلى أكثر من 200 عام.
طبيعة خلابة ومغارات نادرة
الدريكيش لا تقتصر على آثارها، بل تتميز بطبيعة خلابة تضم مغارات نادرة وأنهاراً عذبة تضفي على المنطقة جمالاً استثنائياً. من أبرز المواقع كذلك الطبيعية الخلافة والمغر بيت الوادي في بلدة دوير رسلان، وهي واحدة من أجمل المغارات في سوريا، حيث تشتهر بتكويناتها الكلسية الفريدة من الصواعد والنوازل التي تغطي أكثر من 70% من مساحتها.
هذه المغارة تمثل تجربة مثيرة لعشاق المغامرات والاستكشاف. كما يمر نهر قيس بجريانه بين القرى والوديان، حيث تحيط به أشجار الدلب والصفصاف، وتغذيه ينابيع غزيرة دائمة الجريان تمنحه سحراً إضافياً.
أهم مظاهر الطبيعة في الدريكيش:
- مغارة بيت الوادي بتكويناتها الكلسية.
- نهر قيس الذي يخترق القرى والوديان.
- ينابيع غزيرة دائمة الجريان.
- أشجار الدلب والصفصاف المنتشرة على ضفاف الأنهار.
المحميات الطبيعية في الدريكيش
تضم مدينة الدريكيش ومحيطها محميات طبيعية نادرة تشكل بيئة فريدة لعشاق السياحة البيئية. من أهم هذه المواقع غابة النبي متى التابعة لناحية دوير رسلان، والتي تعتبر من أبرز المحميات الطبيعية في سوريا. تحتوي الغابة على تنوع نباتي نادر يجمع بين أشجار الكستناء والشوح والأرز والصنوبر والغار، ما يجعلها مقصدًا لعشاق الطبيعة والمغامرة.
وإلى جانب ذلك، تشتهر المنطقة بوجود 365 نبعاً عذباً ما بين دائم وموسمي، وهو ما يبرز غنى المنطقة بالمياه ويجعلها مكانًا مثاليًا للراحة والاستجمام في قلب الطبيعة.
ينابيع مشهورة ومشاريع سياحية واعدة
من أبرز ما يميز مدينة الدريكيش نبع الدريكيش الشهير بمياهه النقية التي تتمتع بفوائد علاجية، حيث كان ولا يزال مقصدًا للزوار والسكان المحليين. كما تحتضن المنطقة سد الدريكيش الذي يعزز من ثروتها المائية، بالإضافة إلى معمل تعبئة المياه المعدنية الذي يُعد من أوائل معامل المياه في سوريا. تاريخيًا، اشتهرت الدريكيش أيضًا بتربية دودة القز وصناعة الحرير الطبيعي، ما أضاف إلى رصيدها الاقتصادي والاجتماعي.
أما اليوم، فتعمل الجهات المعنية على تطوير البنية التحتية السياحية للمدينة، حيث يجري العمل على إعادة تأهيل كورنيش الدريكيش ليصبح معلماً سياحياً بارزاً. كما يتم إنشاء حديقة عامة على مساحة 14 دونماً بمشاركة الجمعيات الأهلية، ما يعكس تضافر الجهود بين الدولة والمجتمع الأهلي لإعادة الدريكيش إلى مكانتها كمقصد سياحي متكامل.
هكذا، تبدو الدريكيش اليوم كواحدة من أكثر المدن السورية الواعدة سياحياً، حيث يجتمع فيها جمال الطبيعة مع العمق التاريخي، وتتكامل فيها مشاريع التنمية مع جهود المجتمع المحلي. ومع استمرار العمل على تطوير مرافقها السياحية، ستبقى هذه المدينة الساحرة لؤلؤة السياحة الساحلية في سوريا.
إرسال تعليق