بطولة PSC في دمشق: الكيك بوكسينغ يعيد سوريا إلى ساحة الرياضة العالمية

ليلة غير عادية عاشتها العاصمة السورية دمشق، مع استضافة النسخة الأحدث من بطولة PSC الاحترافية للكيك بوكسينغ، في حدث رياضي غير مسبوق جمع نخبة من الأبطال العرب والرياضيين القادمين من تركيا، تحت سقف واحد وعلى أرض واحدة، لتتحول الحلبة إلى ساحة احترافية بكل المقاييس، تشهد على عودة سوريا إلى خريطة المنافسات القتالية الإقليمية.

الحدث الذي نظّمته منظمة قمة المحترفين PSC، جاء محاطًا بمعايير دقيقة من حيث التنظيم الفني والتقني، وسط حضور جماهيري لافت وتفاعل غير مسبوق، حيث امتلأت القاعة بالجماهير التي تابعت تفاصيل البطولة بتشجيع حماسي، جعل من كل نزال عرضًا حقيقيًا للفنون القتالية في أبهى صورها.

تضمّن برنامج البطولة 12 نزالًا احترافيًا شارك فيها رياضيون من سوريا، تركيا، الأردن، فلسطين، وسوريون مقيمون في تركيا. وقد سُجّل غياب عدد من المقاتلين اللبنانيين بسبب إصابات منعتهم من المشاركة. الملفت في هذه النسخة هو الحضور النسائي اللافت، حيث خاضت النساء نزالات احترافية إلى جانب الرجال، في مشهد يعكس تغيرًا في الثقافة الرياضية وتطور مكانة المرأة في رياضات القتال.

واحدة من أكثر اللحظات إثارة في الأمسية كانت المواجهة المرتقبة بين البطل السوري أحمد حياني، القادم من تركيا، الذي دخل الحلبة في نزاله الاحترافي الحادي عشر بإشراف المدرب التركي الشهير غازي إكبالك الحاصل على فضية بطولة العالم 2025، وبين البطل الأردني عبد الرحمن السراديح، حامل برونزية العالم في المواي تاي وبطل العرب. النزال الذي حبس الأنفاس انتهى بفوز حياني، الذي وصف لحظة القتال في وطنه بأنها حلم طال انتظاره، قائلاً بعد التتويج: “القتال في بلدي سوريا كان حلمًا يراودني لسنوات… وها هو اليوم يتحقق”.

الرسالة التي أرادت منظمة PSC إيصالها كانت واضحة: سوريا لا تزال قادرة على احتضان البطولات الكبرى، وتملك من الإمكانيات والبنية والكوادر ما يؤهلها لتكون وجهة معتمدة على خارطة الرياضة الاحترافية. المدير التنفيذي للمنظمة، عبد الله الجزائري، أكد في تصريحات له أن هذه البطولة ليست حدثًا عابرًا، بل محطة أولى ضمن سلسلة فعاليات قادمة تهدف لإعادة إدماج سوريا في المشهد الرياضي الإقليمي والدولي، وأضاف: “سوريا تستحق العودة. هدفنا أن نعطي كل مقاتل عربي فرصة للظهور في إطار احترافي حقيقي، أمام جمهور حي، وتحت تنظيم يحترم أصول اللعبة”.

البطولة التي شهدتها دمشق لم تكن فقط رياضة وأرقامًا وميداليات، بل كانت أيضًا رسالة إنسانية عميقة. الحدث شكّل مساحة للتعافي والتلاقي، وأرسل صورة مختلفة للعالم عن سوريا، قوامها الأمل والطموح والتعاون، بعيدًا عن الصور النمطية المرتبطة بالأزمة. لقد كانت الرياضة هنا جسرًا لإعادة بناء الثقة، ولإظهار أن هناك شبابًا وأبطالًا لا يزالون يحملون الحلم، ويصرون على تحويله إلى واقع داخل الحلبة وخارجها.

النسخة الحالية من بطولة PSC للكيك بوكسينغ، وبما حملته من تنظيم محترف ومشاركة متنوعة وانضباط ميداني، تُعتبر نقلة نوعية في الرياضة السورية، ورسالة قوية بأن البلاد قادرة على استضافة فعاليات بمستوى عالمي، في ظل وجود الدعم، والتخطيط، والإرادة. ومع النجاح اللافت الذي تحقق في هذه الليلة، تُفتح الأبواب أمام تنظيم نسخ مستقبلية أكثر اتساعًا، وربما دخول سوريا ضمن أجندة البطولات القارية.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-